قصة أعجبتني

رجعت الى البيت في تلك الليلة .. وعندما قدمت زوجتي وجبة العشاء ، أمسكت بيدها وقلت لها : هنالك أمر مهم أريد أن أقوله لك .. فجلست على الكرسي وأكلت ببطء . ومجددا لاحظت الألم في عينيها

عندها شعرت بأنني عاجز أن أفتح فمي ، لكن كان لا بد أن أخبرها بما أنا عازم عليه . قلت : أريد الطلاق . طرححت الأمر بهدوء شديد .. لم يبدُ عليها الانزعاج من كلامي ، وبدلا من ذلك سألتني بنعومة وصوت خافت : لماذا ؟

تجاهلت سؤالها ، وهذا ما جعلها تغضب . قامت بالقاء المعلقة وصرخت بي : أنت لست برجل
في تلك الليلة ، لم نتحدث مع بعض اطلاقا .. كانت تنوح .. كنت أعرف أنها كانت تريد أن تعرف ما الذي حصل لزواجنا . ولكني لم أستطع أن أعطيها جوابا مقنعا .. لقد سلمت قلبي لامرأة أخرى .. لم أعد أحبها .. فقط ، شعرت بالشفقة عليها

مع احساس كبير بالذنب ، قمت بكتابة مسودة اتفاقية الطلاق ، والتي نصت بأن تحتفظ هي بملكية البيت والسيارة وبنسبة 30% من حصص الشركة التي أملكها
ألقت نظرة على الورقة ، ثم قامت بتمزيقها ..

المرأة التي أمضت عشر سنوات من عمرها معي أصبحت غريبة عني .. شعرت بالاسف للوقت الذي أضاعته ، لمواردها ، ولطاقتها ، لكني لم أستطع أن أرجع بكلامي الذي قلته ، لأني أحب المرأة الأخرى كثيرا .. وأخيرا بكت هي بصوت عالٍ أمامي ، وهو ما توقعته . لقد كان في دموعها في الحقيقة نوع من الراحة التي كنت أبحث عنها . ان فكرة الطلاق ، والتي كانت هاجسي لعدة أسابيع ، بدت أثبت وأوضح الآن 

في اليوم التالي ، رجعت إلى البيت في وقت متأخر ، ووجدتها جالسة إلى الطاولة تكتب شيئا . لم أتناول عشائي ، وذهبت مباشرة الى الفراش وغفوت مباشرة لانني كنت متعبا جدا بعد يوم حافل قضيته مع المرأة التي أحبها . عندما صحوت ، كانت ما زالت هناك تكتب . لم أبدِ اهتماما أبدا ، والتفت الى الجهة الأخرى ، ثم غفوت مجددا

في الصباح قامت بتقديم شروطها للطلاق .. لم تكن تريد شيئا مني ، لكنها طلبت منحها شهر انذار قبل إتمام الطلاق .. طلبت بأن نتظاهر بأننا نعيش حياتنا بشكل طبيعي قدر الامكان ، وكان السبب الذي قدمته بسيطا .. كان ابننا لدى ابننا امتحانات مدرسية ، ولم تكن تريد أن نوتره بقضية زواجنا المحطم

كان هذا الامر مقبولا من طرفي ، لكن كان لديها طلب آخر .. لقد طلبت مني أن أستذكر كيف حملتها من خارج البيت الى غرفة النوم في أول يوم لزواجنا .. وطلبت بأن أحملها صباح كل يوم من غرفة النوم الى الباب الخارجي طوال فترة الشهر المتبقي ..
اعتقدت أنها فقدت عقلها ، ولكي أجعل آخر أيامنا معا مقبولة ، فقد وافقت على طلبها ..

أخبرت حبيبتي الجديدة عن شروط طلاق زوجتي الغريبة .. ضحكت بصوت عالٍ وقالت : أنها سخيفة .. لكن بغض النظر عن حركاتها السخيفة هذه فيجب عليها أن تواجه الطلاق .. قالتها بأسلوب متهكم

زوجتي وأنا لم نلمس بعضنا جسديا أبدا منذ أخبرتها بنيتي على الطلاق ، لذلك وعندما حملتها في اليوم الاول ، بدونا كلانا كأخرقين .. وأخذ ابننا يصفق فرحا من خلفنا وهو يقول : أبي يحمل أمي
كلماته جعلتني أحس بالالم .. من غرفة النوم الى غرفة المعيشة ومن ثم الى الباب الخارجي مشيت أكثر من عشرة أمتار وهي بين يدي .. أغلقت عينيها وقالت بنعومة : لا تخبر ابننا عن الطلاق . أومأت برأسي ، شاعرا بانزعاج . أنزلتها خارج الباب ، ثم ذهبت لتنتظر الباص لتذهب الى عملها .. وقدت أنا السيارة وحيدا الى المكتب

في اليوم الثاني ، كلانا تظاهر وتعامل مع الأمر بعفوية أكثر .. مالت هي على صدري . وشممت عطرها على قميصها .. فأدركت بأنني لم أنظر الى هذه المرأة بعناية منذ زمن طويل .. انتبهت إلى أنها لم تعد يافعة كما كانت من قبل . كانت هنالك تجاعيد ناعمة على وجهها .. تأملت شعرها الذي بدأ يشيب . لقد تركت سني زواجنا وقعها عليها .. وللحظة فكرت بالذي فعلته

في اليوم الرابع ، وعندما رفعتها ، شعرت بالحميمية تعود . هذه المرأة أعطتني عشر سنوات من عمرها .. في اليوم الخامس والسادس .. أدركت بأن الحميمية بيننا أخذت تزداد .. لم أخبر المرأة الثانية بما شعرت .. وأصبح حملها أسهل وأسهل مع مرور الشهر .. قلت في نفسي : لربما المجهود اليومي بحملها جعلني أقوى

كانت تختار ملابسها في صباح أحد الايام ، وجربت عدد من الفساتين ولم تجد شيئا مناسبا . قالت لي : كل ملابسي أصبحت كبيرة علي . وفجأة أدركت بأنها أصبحت نحيلة جدا .. وكان ذلك هو السبب الذي جعل حملها أكثر سهولة

أدركت فجأة بأنها تحملت مقدارا كبيرا من الالم والمرارة في قلبها .. ومن غير وعي مددت يدي ولمست رأسها

في تلك اللحظة جاء ابني وقال : أبي ، حان الوقت لتحمل أمي ! بالنسبة له فقد أصبحت مشاهدة أبيه يحمل أمه الى الخارج جزءا أساسيا من حياته . أشارت زوجتي الى ابننا بأن يقترب ، وحضنته بشدة .. أدرت وجهي بعيدا لانني خفت أن أغير رأيي في الدقيقة الاخيرة .. ومن ثم رفعتها بيدي ، سائرا من غرفة النوم وعبر غرفة المعيشة الى بهو البيت .. أحاطت يداها برقبتي بنعومة وبشكل طبيعي .. وأمسكت جسمها بقوة .. كان الوضع يشبه يوم زفافنا .. لكن جسدها الهزيل جعلني أشعر بحزن شديد

في اليوم الاخير .. عندما حملتها بين ذراعي ، بالكاد تمكنت من المسير خطوة واحدة . كان ابننا قد ذهب الى المدرسة . ضممتها بشدة وقلت : لم ألاحظ بأن حياتنا كانت تنقصها الحميمية ..


قدت السيارة الى المكتب .. قفزت من السيارة دون أن أغلق الباب .. كنت خائفا بأن أي تاخير سيجعلني أغير رأيي .. صعدت الى الطابق العلوي .. فتحت المرأة الثانية الباب فقلت لها : أنا أسف ، لم أعد أرغب بالطلاق من زوجتي

نظرت إلي بذهول ، ثم لمست مقدمة رأسي ، وقالت : أنت محموم ؟
أزحت يدها عن رأسي وقلت : أنا أسف ، لن أطلق .. لربما كانت حياتي الزوجية مملة ، لأننا أنا وهي لم نقدر التفاصيل في حياتنا ، وليس لأننا لم نكن نحب بعضنا البعض .. الآن قد أدركت بأنه لكوني قد حملتها الى بيتي يوم زفافنا فإن من واجبي أن أبقى إلى جانبها حتى يفرقنا الموت ..
بدت المرأة كانها أفاقت من الصدمة ، فقامت بصفعي على وجهي وأغلقت الباب بقوة وانفجرت بالبكاء .. نزلت عبر الدرج ، وقدت السيارة مبتعدا .. في محل الزهور على الطريق اشتريت أجمل باقة زهور لزوجتي .. سألتني بائعة الزهور : ماذا تريد أن تكتب على البطاقة ؟
ابتسمت وكتبت : سأحملك كل يوم حتى يفرقنا الموت

في ذلك المساء ، وصلت الى البيت ، وباقة الزهور في يدي والابتسامة على وجهي .. ركضت الى الطابق العلوي فقط لاجد زوجتي ميتة في الفراش
لقد كانت زوجتي تصارع مرض السرطان لشهور ، وكنت أنا مشغولا مع المرأة الثانية طوال الوقت دون أن أتنبه أو آخذ بالي .. كانت تدرك بأنها سوف تموت قريبا ، وكانت تريد أن تحفظني من أي ردة فعل سلبية يمكن أن تصدر عن ابننا ، في حال مضينا بالطلاق – على الاقل في عيون ابننا – لأظل أنا الزوج المحب

Facebook
LinkedIn
Twitter